العسل والنحل في القرآن الكريم
العسل والنحل في القرآن الكريم
جاء الإسلام ليسمو بعسل النحل ويضاعف أهميته فيضيف على قيمته الغذائية الرفيعة أثره الفعال في علاج كثير من الأمراض وحسب النحل وعسله فخرا أن تكون هنالك سورة كاملة من سور القرآن الكريم أن تحمل اسم النحل وتتضمن من الآيات ما يدعوا إلى التفكر والتدبر في سلوكه وما يدل على أنه ينتج مواد مختلفة فيها الدواء والشفاء فيقول الحق سبحانه وتعالى : (67) وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) [ سورة النحل ]
ففي هاتين الآيتين حقائق ومعجزات يكشف لنا عنها العلم ما تيسر له منها ليزداد بها المؤمن إيمانا ويقينا فيدعونا الحق تبارك وتعالى إلى أن نتفكر ونتأمل في عالم النحل ... ذلك العالم الذي يعمل بتلقائية وإلهام من المولى - عز وجل - ذلك العالم المليء بالأسرار والآيات التي تنطق بعظمة الخالق -سبحانه وتعالى - وأنه الواحد الأحد ، ورغم صغر حجم النحلة وضعف قوتها ففيها عجائب بديعة وآيات باهرة على وحدانيته سبحانه وتعالى وكرمه عز وجل لذكره في القرآن الكريم.
مامعنى وحي الله للنحل؟
أوحى الله تبارك وتعالى إلى النحل ، والوحي يعني الإلهام والهداية والتعليم للنحل في نظام معيشته ، في العمل ، وكيف يكون هذا العمل متوافقا مع عمر النحلة والتغيرات الفسيولوجية داخل جسمها؟ ويهد ذلك نوعا ما من الوحي تعمل بمقتضاه وكذلك جمع الرحيق وتحويله إلى غسل وتغطيته بغطاء رقيق من الشمع الممطوط الذي يحفظه ويحميه وألهمه أن يصنع غطاء من الشمع وحبوب اللقاح ليكون مساميا ليفطي الحضنة المقفلة لكي تتنفس وتعيش فسبحان من خلق فسوى وقدر فهدى فتبارك الله أحسن الخالقين.
ويتضح من ألفاظ الآية الكريمة ان سلوك النحل واختباره لمواقع سكنه ومعيشته في الجبال او الشجر او غيرها يتم بناء على وحي وإلهام وهداية من الله تبارك وتعالى وتنظيم العمل فيما بينها كل على حسب نوعه وعمره فنجد الشغالات تكون خادمة منظفة للمسكن في همة ونشاط مربية تطعم الصغار وتسهر على راحتهم ومهندسة بارعة في البناء والتصميم تفوق أمهر المهندسين وتتفوق على أجهزة العصر في دقة القياسات والزوايا حارسة أمينة تضحي بنفسها دون تردد أو فتور ضد أي عدو يهدد أمن مسكنها عاملة نشطة تجوب البقاع بحثا عن غذاء تجمعه وتخزنه لتقدمه لنا شهدا صافيا او تجمع صمغا سحريا لتطهر به مسكنها وتقدمه لنا كي نستفيد به.
وقوله تعالى ( ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ ) ولم يقل يخرج عسل وترك الله عز وجل للإنسان أن يدرك ما يخرج من النحل : غذاء ملكي ، شمع ، عسل ، سم النحل ، صمغ النحل. وقد تبين حديثا بعد دراسة خصائص وتركيب كل مادة منها أن فيها شفاء للناس ، وقوله تعالى ( ٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ ) ما بين ابيض واصفر واحمر وغير ذلك من ألوان العسل الحسنة والمختلفة ويرجع هذا التباين في اللون إلى اختلاف معدل تركيز المعادن في أنواعه المختلفة فكلما زاد تركيز المعادن كان لون العسل داكنا وكذلك نوع الصبغات النباتية والتي تختلف من نبات لآخر.
وفي قوله ( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) أي إن في إلهام الله لهذه المخلوقات الضعيفة في السلوك في مهمتها وجنيها من سائر الثمار ثم جمعها للعسل وهو من اطيب الأشياء لآية لقوم يتفكرون في عظمة خالقها ومقدها ومسخرها وميسرها فيستدلون بذلك على أنه خالقها ومقدرها وميسرها ويستدلون بذلك أنه الفاعل القادر العليم الكريم الرحيم.
كما تتضح دقة التعبير والإعجاز القرآني في قوله ( أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ) إذا علمنا أن لنحل العسل أنواعا منها : ما يقطن داخل الجبال والأشجار والخلايا التي يمكن إستئناسها ومنها ما يعيش في طوائف على أقراص شمعية يلصقها تحت الصخور البارزة من الجبل وتحت فروع الأشجار ولا يمكن إستئناسها أو إسكانها في خلايا.
هذا وقد كرم الله سبحانه العسل فجعله من طعام أهل الجنة فقال : وأنهار من عسل مصفى { محمد. الآية : 15 }.
والآن وبعد أربعة عشر قرنا من نزول القرآن الكريم يتوصل العلماء المسلمون وغير المسلمين ما للعسل من فوائد عظيمة فهو وقائي ضد إنتشار الأمراض وبنائي في إعداد الجسم خاصة عند الأطفال وهو أيضا يعالج به أكثر الأمراض التي تطرأ على الجسم بإذن الله تعالى.
فما أعظم هذا الفضل الإلهي الذي يزداد وضوحا إذا ما عرفنا أن العسل لا يزال يحافظ على كفاءته الطبية الممتازة على الرغم من وجود الأدوية الطبية الحديثة والمضادات الحيوية.
إن معجزات القرآن الكريم مازالت تتوالى والعلم يطلعنا من الحين والآخر على كثير مما هو جديد مصدقا لقوله تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [ صورة فصلت الآية : 52 ]
تعليقات
إرسال تعليق