التلقيح الصناعي لملكات النحل

التلقيح الصناعي لملكات نحل العسل


د. عبد العزيز بن سعد القرني



تستخدم طريقة التلقيح الصناعي لملكات النحل منذ سنوات عديدة وقد كانت هناك محاولات كثيرة جدا للتحكم بتلقيح الذكر لملكة النحل عن طريق وضعهما في حيز مغلق لفترات مختلفة إلا أن التلقيح لم يحدث، كانت أولى المحاولات قام بها نحال سويسري (فاقد البصر!) هو فرانكو هوبر في القرن الثامن عشر الميلادي حيث منع الملكة والذكور من الخروج من الخلية آملا أن يتم التلقيح إلا أنه وبعد عدة أسابيع لم يجد إلا بيضا غير مخصب نتج عنه ذكور فقط وهو ما كتشف لاحقا أن الملكة إذا لم يتم تلقيحها لفترة طويلة فإنها تضع بيضا غير ملقح. بعد ذلك حاول وضع كمية من السائل المنوي للذكر في الفتحة التناسلية للملكة إلا أن ذلك لم ينجح.


وقد ثبت للعلماء والباحثين أن تلقيح الملكة لا يمكن أن يتم إلا في الهواء الطلق بعدما تقوم الملكة بطيران الزفاف حيث تنجذب إليها الذكور بسبب انتشار مادة كيميائية منها تسمى رائحة الملكة، ثم تتبعها الذكور وهي محلقة في الهواء ولأنها الأقوى بسبب تغذيتها أثناء الطور اليرقي (5 أيام) على الغذاء الملكي فهي تسبق الذكور ويلحق بها فقط الأقوى من الذكور لتلقيحها، ويمكن ان تلقح الملكة بأكثر من ذكر واحد خلال رحلة الزفاف هذه (متوسط 12 ذكر).




وخلال ‘1800's قام نحال ألماني باستخدام مهاراته في إصلاح الساعات لمحاولة استخدام أدوات دقيقة من الفضة لحقن السائل المنوي كذلك إلا أنه فشل أيضا.


وقد كان للتطور الذي حدث في مجال التشريح وتطور الميكروسكوبات أثر كبير في تطور هذه التقنية. ففي عام 1920 تمكن لويد واتسون من النجاح الجزئي في ذلك. تتالت عدة محاولات بعد ذلك لكن النجاح الحقيقي كان بعد اكتشاف طالب الدراسات العليا حينها هاري ليدلو عام 1944 أثناء دراسته لمرحلة الدكتوراة للتركيب التشريحي الدقيق للجهاز التناسلي للملكة مما مكنه من إجراء التلقيح بنجاح (وقد توفي هذا العالم في عام 2003 بعد إسهامه بشكل كبير في هذا المجال وتطويره المستمر لهذه التقنية).



توالت بعد ذلك التطورات والتحسينات وكانت جلها تنصب على التطوير الفني للجهاز المستخدم في التلقيح، مثل سعة وسهولة أداء الحقنة المستخدمة في جمع وحقن السائل المنوي، ومثل الخطاطيف المستخدمة في فتح مؤخرة ملكة النحل، وغير ذلك.



   


جهاز التلقيح الصناعي لملكات النحل


يستخدم التلقيح الصناعي أو الآلي لملكات النحل لعدة أغراض:


إجراء دراسات وراثية محددة حيث يمكن الحصول على سائل منوي لذكور معينة وحقنها في الملكة الأم لهذه الذكور (حيث كما أشرت سابقا أن الملكة العذراء إذا لم يتم تلقيحها فهي تضع بيضا غير مخصب ينتج عنه ذكور).


إجراء عمليات تحسين وراثي لسلالات النحل حيث يمكن إختيار الذكور والملكات من خلايا ذات صفات إنتاجية وسلوكية مرغوبة وإجراء عمليات التلقيح الصناعي بشكل متحكم به.


يتم اللجوء للتلقيح الصناعي لأن التلقيح الطبيعي للملكة لا يتم إلا في الهواء الطلق مما يعني عدم ضمان الأصل الوراثي للذكر الذي يقوم بالتلقيح حيث يمكن أن تلقح الملكة بذكور من سلالات تميل للشراسة او قابليتها عالية للأمراض أو غيرها من الصفات غير المرغوبة.


لضمان حدوث التلقيح الطبيعي تحت ظروف متحكم بها لابد من ضمان خلو المنطقة المحيطة بالمنحل من أي نحل آخر وذلك في مسافة 10 كم حول المنحل. ولذلك تقام محطات معزولة لتربية وانتاج الملكات تحت شروط مشددة أو تقام في جزر في البحر أو المحيط.




مراحل التلقيح الصناعي لملكة النحل باختصار:


تحديد الطائفة المراد تلقيح الملكات منها. (يفترض أن تكون من سلالة ممتازة).


تحديد الطوائف المراد جمع الذكور منها.(يفترض أن تكون صفاتها مرغوبة).


تنفيذ برنامج تربية الملكات مع التأكد من ضمان وجود الذكور عند خروج الملكات العذارى.


تترك الملكات العذارى بعد خروجها في خلايا تسمى خلايا حاضنة لمدة 24-48 ساعة حيث يقوم النحل بتغذيتها.


تنقل للمكان الذي سيتم فيه التلقيح (يفترض فيه النظافة العامة والتعقيم) وتترك في الحضان (34- 36 درجة مئوية/ 70- 80% رطوبة) استعدادا للعملية.


يتم جمع الذكور من الخلايا المطلوبة في نفس اليوم وذلك يكون عادة من بعد الساعة الثالثة ظهرا حيث تخرج الذكور للتجمع في مناطق تسمى مناطق تجمع الذكور (Drone congregation area) وهو سلوك طبيعي فيها حيث تطير في هذه المنطقة وعند استقبالها لرائحة الملكة فإنها يمكن أن تطير تتبعا لتركيز المادة، وقد وجد أن المسافة يمكن ان تصل إلى 11 كم وهذا لأن الرياح تنقل رائحة الملكة فتستقبلها الذكور عن طريق قرون الاستشعار وتتبع الرائحة إلى ان تصل للملكة ويتم التلقيح. تعود الذكور التي لم يحالفها الحظ إلى خلاياها وهنا يكون النحال قد وضع حاجزا شبكيا على مداخل الخلايا يمنع الذكور من الدخول للخلية فتتجمع بأعداد كبيرة يمكنه التقاط العديد منها وجمعها في أقفاص خاصة وتستغرق عملية جمع الذكور حوالي 30 دقيقة أو أكثر حسب الكمية المطلوبة لذلك اليوم وحسب عدد الملكات.


يتم جمع السائل المنوي من الذكر وذلك بوضع الذكر بين السبابة والإبهام –انظر الصورة- والضغط عليه من الجانبين فيخرج العضو الذكري ويكون السائل المنوي مكشوفا ويمكن التفريق بينه وبين المخاط اللزج المجاور له وجمعه باستخدام الحقنة المخصصة.



             





بعد تجميع الكمية الكافية من السائل المنوي لتلقيح العدد المطلوب من الملكات يتم البدء في تجهيز الملكة.



يتم وضع الملكة العذراء في جهاز أو آلة التلقيح ورأسها للأسفل ويأتيها تيار خفيف من غاز ثاني أكسيد الكربون لتخديرها وتقليل حركتها.



الملكة وقد وضعت مقلوبة في جهاز التلقيح



يتم فتح مؤخرة الملكة باستخدام الخطاطيف الدقيقة لجهاز التلقيح.



مع التأكد من الوضع الصحيح لجهاز التلقيح ومكوناته يتم حقن الكمية المحددة للملكة من السائل المنوي.


   




بعد التأكد من نجاح الحقن – يكون ذلك بعدم ارتداد السائل مع الخبرة والممارسة المتواصلة- يتم رفع الملكة ووضعها في قفص خاص منفردة.


يتم إعطاء الملكة جرعة من ثاني أكسيد الكربون للتخدير الكامل ثم تنقل للحضان لمدة 24 ساعة.


للمتدربين يمكن التأكد من نجاح التلقيح بسحب الأنسجة الطرفية جدا للجهاز التناسلي للملكة باستخدام ملقط وفرك هذه الأنسجة برفق بين الإبهام والسبابة حتى الحصول على القابلة المنوية وهي حويصلة كروية صغيرة بحجم حبة الرمل حيث تكون فضية لامعة إذا خلت من السائل المنوي أما إذا كان التلقيح ناجحا فتبدو غير شفافة ويميل لونها للون البيج.












                         القابلة المنوية لملكة ملقحة                لملكة غير ملقحة











تنقل الملكات الملقحة صناعيا في القفص وتدخل كل واحدة على نويات النحل المعدة مسبقا ويفرج عنها بعد 48 ساعة كحد أقصى ثم تتابع لملاحظة بدء وضع البيض.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شجرة السنط

العكبر أو البروبوليس

التركيب الخارجي والتشريح الداخلي لجسم النحلة