شراسة النحل
اﻟﺸﺮاﺳﺔ :Aggressiveness
ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺸﺮاﺳﺔ اﻟﻨﺤﻞ ﻣﻴﻠﻪ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻣﺴﻜﻨﻪ واﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳق ﻟﺴﻊ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﺬي ﻳﻬﺎﺟﻢ ﺧﻠﻴﺘﻪ ﻓﻌﻠﻴﺎ أو ﻳﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ، وﺗﺨﺘﻠﻒ ﺳﻼﻻت اﻟﻨﺤﻞ ﻓﻲ ذﻟﻚ، ﻓﺎﻟﺴﻼﻻت اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻋﺎدة ﺗﺰداد ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺸﺮاﺳﺔ ﻋﻦ اﻷورﺑﻴﺔ، أﻣﺎ اﻟﺴﻼﻟﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻰ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﻓﺘﻜﻮن هادﺋﺔ كلما كاﻧﺖ ﻧﻘﻴﺔ وراﺛﻴﺎ، ﺣﻴﺚ ﺗﺰداد اﻟﺸﺮاﺳﺔ كلما زاد اﻟﺘﻬﺠﻴﻦ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ اﻟﺴﻼﻻت اﻷﺧﺮى أو إذا ﺗﻢ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﻠﻜﺎت ﺟﺪﻳﺪة وﺗﻠﻘﻴﺤﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻔﺲ اﻟﻄﻮاﺋﻒ اﻷم (ﺗﺮﺑﻴﺔ ﻣﻐﻠﻘﺔ)، كما ﺗﺨﺘﻠﻒ ﺣﺪة اﻟﺸﺮاﺳﺔ ﺣﺴﺐ ﻇﺮوف اﻟﺨﻠﻴﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﺰداد ﺑﺰﻳﺎدة ﻣﺨﺰون اﻟﻌﺴﻞ، أو ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﻔﻘﺪ اﻟﺨﻠﻴﺔ ﻣﻠﻜﺘﻬﺎ، كما أن ﺗﺴﻤﻢ اﻟﻨﺤﻞ ﺑﺎﻟﻤﺒﻴﺪات ﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﺮاﺳﺘﻪ.
هذا اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻐﺮﻳﺰي ﺗﻤﺎرﺳﻪ ﻓﻘﻂ ﺷﻐﺎﻻت اﻟﻨﺤﻞ وﻟﻴﺲ اﻟﻤﻠﻜﺎت وﻻ اﻟﺬكور، ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﻠﻚ ﺳ ﻼﺣﺎ ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﺑﺈﺗﻘﺎن ﺷﺪﻳﺪ ﺿﺪ اﻟﺪﺧﻼء ﺳﻮاء كاﻧﻮا ﻣﻦ اﻟﺤﺸﺮات أو اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﺧﺮى أو اﻹﻧﺴﺎن. ذﻟﻚ اﻟﺴﻼح هو ﺁﻟﺔ ﻟﺴﻊ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺒﻄﻦ ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺋﺢ دﻗﻴﻘﺔ وﻋﻀﻼت وإﺑﺮة ﻣﺴﻨﻨﺔ وﻏﺪد ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻔﺮز اﻟﺴﻢ (ﺣﻮاﻟﻲ 0.3 -0.15 ﻣﻠﺠﻢ ﺳﺎﺋﻞ ﺷﻔﺎف أهﻢ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ﺑﺮوﺗﻴﻦ اﻟﻤﻴﻠﻴﺘﻴﻦ) ﻓﻲ ﺟﺴﻢ اﻟﻀﺤﻴﺔ ﻳﺆدي إﻟﻰ رد ﻓﻌﻞ ﺳﺮﻳﻊ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺪم ﻣﻤﺎ ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻨﻪ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻟﻢ واﻟﺘﻮرم والإﺣﻤﺮار واﻟﺤﻜﺔ. وﻟﺴﺖ هنا ﺑﺼﺪد ﺷﺮح ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ وﺧﻄﻮاﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ واﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ وإﻧﻤﺎ أﺻﻒ هﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺣﺸﺮات ﻧﺤﻞ اﻟﻌﺴﻞ.
ﻣﺎﻟﺬي ﻳﺜﻴﺮ ﺷﺮاﺳﺔ اﻟﻨﺤﻞ؟
ﻣﻦ وﺣﻲ ﷲ ﺗﻌ ﻟﻰ ﻟﻠﻨﺤﻞ أن جعله كائنا اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻳﻌﻴﺶبهدوء ﻣﺴﺘﻘﺮا و ﺿﻤﻦ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺘﺮاﺑﻄﺔ ﻣﺘﻨﺎﺳﻘﺔ اﻷداء داﺧﻞ ﻣﺴﻜﻦ ﺧﺎص ﺑﻪ ﻳﺘﻮاﺻﻞ داﺧﻠﻪ وﻳﺴﺘﺸﻌﺮ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ هو ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ رواﺋﺢ كيمياﺋﻴﺔ "رﺳﺎﺋﻞ" ﻳﺼﺪرها وﻳﺘﻠﻘﺎها ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺑﺘﺮكيزات ﻣﺤﺪدة وﻣﺘﻨﺎﺳ ﺒﺔ. هذه اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻴﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﻓﻴﺮوﻣﻮﻧﺎت وﺗﻔﺮز ﻣﻦ ﻏﺪد ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﺔ اﻟﻨﺤﻞ وهي اﻟﻤﺼﺪر اﻷول لإﺳﺘﻘﺮار اﻟﺨﻠﻴﺔ، كما ﺗﻔﺮز ﻣﻦ اﻟﺸﻐﺎﻻت، وكذﻟﻚ ﺗﺼﺪر ﻣﻦ اﻟﺤﻀﻨﺔ (اﻟﺒﻴﺾ واﻟﻴﺮﻗﺎت) واﻟﻌﺴﻞ واﻟﺸﻤﻊ وﺣﺒﻮب اﻟﻠﻘﺎح، وﻟﺬﻟﻚ ﻓﻮﺟﻮد هذﻩ اﻟﺮواﺋﺢ ﺑﺤﺎﻟﺘﻬﺎ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﻤﺘﻮازﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻴﺰها اﻟﻨﺤﻞ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن كل ﺷﻲء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮام وأن اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﻨﺤﻞ ﻳﻮاﺻﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﻬﺪوء، وﻟﻜﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺨﺘﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﻮﺟﻮد ﺟ ﺴﻢ ﻏﺮﻳﺐ ﻳﺘﺤﺮك ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻴﺔ أو ﻳﻬﺎﺟﻤﻬﺎ أو ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺨﺘﺮق ﺟﻮ اﻟﺨﻠﻴﺔ رواﺋﺢ أﺧﺮى ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﺸﺮات أو ﺣﻴﻮاﻧﺎت كاﻟﻔﺌﺮان ﻣﺜﻼ أو رواﺋﺢ اﻟﻌﻄﻮر اﻟﻨﻔﺎذة ﻟﺪى ﺑﻌﺾ اﻟﻔﻀﻮﻟﻴﻴﻦ ﺗﻜﻮن ﺳﺒﺒﺎ ﻟﺘﻌﻜﻴﺮ اﻟﺘﻨﺎﻏﻢ اﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺋﻲ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻴﻬﺎ أو ﺗﺘﻌﺮض اﻟﺨﻠﻴﺔ لإﻋﺘﺪاء ﺳﺎﻓﺮ ﻣﻦ ﺣﻴﻮان كبير ، ﻓﺈن أﻳﺎ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻌﻮاﻣﻞ كاف ﻹﺛﺎرة ﺳﻠﻮك اﻟﻨﺤﻞ اﻟﺸﺮس ﺑﺪرﺟﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ كما أﺷﺮﻧﺎ أول اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻴﺮﺻﺪ اﻟﻨﺤﻞ وﺟﻮد ﺟﺴﻢ ﻏﺮﻳﺐ ﺣﻮل اﻟﺨﻠﻴﺔ أو داﺧﻠﻬﺎ وﻳﻤﻴﺰﻩ إﻣﺎ ﺑﺎﻟﺮؤﻳﺔ- واﻟﻨﺤ ﻞ ﻻ ﻳ ﺮى كما ﻧﺮى ﻧﺤﻦ وإﻧﻤﺎ رؤﻳﺘﻪ ﺿﺒﺎﺑﻴﺔ وﻣﺘﺪاﺧﻠﺔ وﻻ ﻳﻤﻴﺰ اﻷﻟﻮان كما ﻓﻲ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﺎﻷﺣﻤﺮ ﻳﺮاﻩ ﻣﻈﻠﻤﺎ داكنا كنا أﻧﻪ ﻳﺮى اﻷﺷﻌﺔ ﻓﻮق اﻟﺒﻨﻔﺴﺠﻴﺔ- أو ﺑﺎﻟﺮاﺋﺤﺔ اﻟﺼﺎدرة ﻣ ﻪ وﺧﺼﻮﺻﺎ إذا كان اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻐﺮﻳﺐ داﺧﻞ اﻟﺨﻠﻴﺔ (ﻓﺄر ﻣﺜﻼ) ﻓﻴﺘﺠﻪ إﻟﻴﻪ وﻳﺒﺪأ ﺑﻠﺴﻌﻪ، وهنا ﺗﻨﺘﺸﺮ راﺋﺤﺔ اﻟﺴﻢ اﻟﺬي ﻳﻔﺮزﻩ اﻟﻨﺤﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﺴﻢ اﻟﻐﺮﻳﺐ وﺗﺼﺒﺢ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻤﻴﺰة ﻟﻠﻀﺤﻴﺔ ﺗﺠﺬب اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺤﻞ اﻟﻤﻬﺎﺟﻢ؛ هذا اﻟﻮﺻﻒ ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻻت ﺷﺪﻳﺪة اﻟﺸﺮاﺳﺔ، أﻣﺎ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﺘﻜﻮن ﺑﻨﻔﺲ "اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ" وﻟﻜﻦ ﺑﺪرﺟﺔ أﻗﻞ ﺣﺪة وهي ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻨﺤﺎل أو ﻣﻦ ﻳﺮاﻓﻘﻪ إﻟﻰ
منحله.
تعليقات
إرسال تعليق