التأبير (تلقيح النباتات) Pollination

التأبير (تلقيح النباتات)  Pollination

عندما تذكر حشرة النحل سرعان ما يتبادر بأذهاننا العسل وحلاوته والغذاء الملكي وفائدته غافلين بذلك الأهمية الأكبر لنحل العسل وهي انه يشكل 85% من الحشرات الملقحة للنباتات محققاً زيادة في الإنتاج كماً ونوعاً حسب نوع النبات أو المحصول ومساهماً بشكل فعال في الحفاظ على التنوع الحيوي الزراعي وديمومته رغم أن ذلك لا يكون بمهمة منفردة بل أن النحل يقوم بالتأبير خلال جمعه للرحيق وحبوب اللقاح وتدل الإحصائيات على أن الدخل الذي يقدمه النحل لمالك الأرض يفوق 7-8 مرات الدخل الذي يستفيده النحال مما ينتجه النحل من عسل وشمع وغذاء ملكي وسواها!!!
يقول السيد Gilles Ratia رئيس المؤتمر العالمي للنحالين APIMONDIA 2009 :" عندما تعطـي النحلـة واحد يورو الى النحـال فهي تعطي في المقابل 15 يـورو للمزارع وغارس الأشجار والبستاني في مساحة 3 كم حول الخليـة ".
 لقد تزامنت الحشرة الملقحة والنباتات المزهرة بفترة ارتقاء متلازم لملايين السنينحيث أوضحت سجلات الحفريات تزامن ظهور النباتات المزهرة في بادئ الأمر مع الملقحاتالتي تقوم بإكمال عملية التأبير ، فهناك ثمنٌ لابد أن تدفعه النباتات لكي تحظىبخدمات التأبير بواسطة الحشرات حيث تقدم أزهارها بألوان جاذبة أو لهاأريج وعطر فواح أو رحيق حلو المذاق و اللقاح ثمنٌ لذلك أو هدية للحشرة الملقحة.
يسرح النحل على مختلف الأزهار طمعاً برحيقها وطلعها ولكنه يؤثر تأثيراً شاملاً في الكائنات الحية من خلال التأبير الخلطي Cross-pollination[ فنحل العسل هو العامل الأهم في المحافظة على التنوع الحيوي للنباتات المزهرة . فقد واكب نحل العسل تطور الطبيعة على هذا الكوكب منذ ما يزيد على مئة مليون سنة وقد نجا بنجاح من جميع الصعوبات التي قضت على الفصائل والأنواع الأخرى ، وهذا دليل على تكيف هذه الحشرة ومرونتها الهائلة ، وهي ما برحت تشكل في الطبيعة عاملاً مهماً لتحقيق الاستقرار البيئي ، لذلك يعتبر وجود النحل وقدرته على الإنتاج مقياساً لصحة البيئة ودليلاً على مكامن الضعف فيها وفقدان التوازن ومرشداً لتصحيح الخلل في هذا التوازن .
نقل عن ألبرت اينشتاين ( 1879-1955) قوله :
" حين يختفـي النحـل عن الأرض يبقى للجنس البشري أربع سنوات فقط ليعيشها , لا نحـل لا تلقيـح لا نبـاتات لا حيـوانات ولا إنسان ".....
 يجب أن لا تأخذ هذه الجملة بشكل حرفي على الأقل بقدر ما يتعلق الأمر بنطاقها الزمني لكنها تحمل جوهراَ من الحقيقة فالنحل عبارة عن مؤشر حساس للطبيعة السليمة ولشكل من أشكالها الجوهرية وأساس للبيئة له أهمية كبرى لا يمكن تقدير حقها .
 تقوم الحشرات بتلقيح 80% من النباتات الزهرية المنتشرة في مختلف بقاع العالم ومن هذه النسبة يلقح 85% بواسطة نحل العسل وتصل النسبة إلى 90% من أشجار الفاكهة التي يقوم النحل بتلقيحها وتصل النباتات الزهرية التي يلقحها نحل العسل إلى 170 ألف نوع ويقدر عدد النباتات الزهرية المعتمدة على نحل العسل والتي يسوء وضعها بشكل واضح في حالة عدم زيارة النحل لها بحوالي 40000 نوع . 

وترجع أهمية نحل العسل في تلقيح الأزهار إلى :
*النحلة السارحة المشتغلة بجمعحبوب اللقاح لا تجمع خلال تجوالها سوى حبوب لقاح نوع واحد من النبات ومتى جمعت النحلة علىأرجلها الخلفية ما فيه الكفاية رجعت للخلية لتُـفرغ حمولتها من ، ليُستعملكغذاء ، ثم ترجع ثانية لزيارة النوع نفسه أو نوع آخر من النباتات المزهرة ، لاتفارقه .
 اعتماده فيغذائه على الرحيق وحبوب اللقاح الذي تقوم بجمعة شغالات النحل من الأزهار حيث أنةلجمع حمولةحبوب اللقاح (10-30 ملجم) تزور الشغالة مابين 50-350 زهرة ، ويتوقف ذلك على حجمالأزهار وما تحتويه من حبوب اللقاح من دون أن تؤذي الزهرة.
*تربيته فيالخلايا بأعداد كبيرة حيث تحتوي الطائفة مابين 20-80 ألف نحلة 50% منها أو أكثرتجمع الرحيق وحبوب اللقاح وهذا ما يعزز أهميتها بوصفها حشرة ملقحة*إمكانيةتوجيهه إلى نوع معين من الأزهار بغرض التأبير وذلك بتغذيته على محلول سكري بعصيرأزهار المحصول المراد تلقيحه، حيث يخرج النحل باحثاً على عن المحصول مستدلا علىالرائحة التي وضعت له في المحلول السكري.
*إمكانية نقلة من مكان لآخر لذلكيتم استئجار طوائف النحل للتلقيح الأزهار وزيادة المحصول الزراعي و تحسينه.
 وهناك محاصيل معتمدة كلياً على التأبير بواسطة الحشرات  كاللوزيات والتفاحيات وغيرها من المحاصيل وهناك محاصيل يتضاعف إنتاجها عند زيارتها من قبل نحل العسل فيتضاعف إنتاج القثائيات عدة أضعاف أوصلها بعض الباحثين إلى تسعة أضعاف وهكذا لكثير من المحاصيل.
أثر النحل في زيادة الإنتاج لبعض المحاصيل
أهمية نحل العسل في التلقيح.jpg

أفاد معهد هيلمهولتس الألماني لأبحاث البيئة بأن تقديرات العلماء للفائدة البيئية للحشرات بلغت عام 2005 نحو 150 مليار يورو أي ما يعادل نحو عشر القيمة الإجمالية للمنتجات الغذائية على مستوى العالم . فنحل العسل هو الملقح الأساسي لأكثر من 130صنفاً من المحاصيل في الولايات المتحدة وهو المسئول عن إضافة 15مليار دولار سنوياً للدخل قيمة المحاصيل التي يقوم بتلقيحها . ومن أكبر الأحداث في العالم لعمليةتأبير (تلقيح أزهار)المحاصيلبواسطة نحلالعسلمايحدث في كاليفورنيا حيث تستخدم تقريباً 30.000 خلية نحل عسل أمريكي في بساتين أشجاراللوز , ومع بقية المحاصيل من الفاكهة والخضروات حقق زيادة إنتاجية بقيمة 4.4 مليار دولار في عام 2002 م بقيمة تقريبية 35 مرة من الدخلالمباشر لتربية نحلالعسل ! 
وفي تقدير لمديرية الفلاحة والبيئة والشؤون الريفية البريطانية توصل إلى أن النحل يضيف 165 مليون جنيه إسترليني للاقتصاد من جراء تأبيرها لأزهار الأشجار المثمرة والبقوليات الحقلية والمحاصيل الأخرى, زيادة على بيع 5 آلاف طن من العسل البريطاني مما يؤمن 12 مليون جنيه إسترليني أخرى.
يذكر جاك لومير  Jacques lemaire أن الإنتاج البلجيكي حوالي 350,000 طن من الفواكهِ المتنوعة. وتقدر قيمة الكيلو الواحد من10إلى 20 فرنكات. وهذا يعطينا قيمة إجمالية من 3،5 إلى 7 مليارات من الفرنكاتالبلجيكية . وعلى أساس أن النحل هو المسئول على تلقيح ما بين 70 إلى 80 في المائةمن الأزهار التي أعطت هذه الثمار ، فإن قيمة ما لقحه النحل يمثل ما بين 2،5 إلى 5مليارات أي ما يعادل قيمة 4 طائرات . هذا ولم تحتسب هنا سوى أشجارالفواكه ، ولم يُذكر سوى مثال واحد ، ولكن هناك أعداد متعددة من النباتات الصناعيةوغيرها التي تجري عليها العمليات نفسها و القياس نفسه.
وقد بينت نتائج دراسة حديثة لوحدة أبحاث النحل في الأردن إلى أن قيمة الإنتاج الإجمالي لاثنيعشر محصولاً تلقح عن طريق النحل قد بلغت 117,4 مليون دولار عام 2005، وقد بلغتالزيادة في الإنتاج بسبب التأبير المباشر للنباتات من قبل النحل ما قيمته 50,7مليون دولار سنوياً ، وهذه الزيادة أكثر من قيمة الإنتاج المحلي السنوي من العسلبمقدار 16 مرة والذي يبلغ 1,3 مليون دولار.
والجدول التالي يوضح نتائج بعض التجارب التي حددت أهمية نحل العسل كملقحات للأشجار المثمرة مقارنة مع حقول تم التحكم فيها بعدم دخول نحل العسل لمنع عملية التأبير.

نوع الفاكهة
الإنتاج كجم/شجرة عند وجود النحل
الإنتاج كجم/شجرة عند عدم استخدام نحل العسل
اللوز
99
67
خوخ صنف(1)
216
155
خوخ صنف(2)
47
18
البرقوق
38
15
التفاح
125
9
الكمثرى
88
12
و هذا جدول لبعض محاصيــل الفاكهة وأعداد الطوائف اللازمة لتلقيحها
عدد الخلايا لكل هكتار
المحصول
2
اللوز Almond    
1-3
التفاح      Apple
2
المشمش     Apricot
2-4
الكمثرى  Asian Pear (Nashi)
5-6
الأفوكادو  Avocado
2
العليق Blackberry  
2-3
الكرز Cherry
1
الموالح Citrus 
1-2
العنب Grape 
Varies
الجوافة Guava
5-12
الكيوي  Kiwifruit
0.5
الخوخNectarine 
0.5
خوخ Peach    
2-5
الكمثرى Pear  
2-5
البرقوق    Plum
1
السفرجل    Quince
2-4
التوت Raspberry 
1
توت    Strawberry
وقد ازدادت أهمية نحل العسل في عمليات التأبير وخصوصاً في ا لسنوات الأخيرة نتيجة التناقص الكبير في أعداد الملقحات الأخرى وخصوصاً النحل البري .بسبب الاستخدام المفرط للمبيدات في العمليات الزراعية مع تناقص أعداد النحل لمستويات كبيرة بعد عام 2005 في الولايات المتحدة وعدد من بلدان العالم أثر ظاهرة اختفاء النحل (CCD - Colony Collapse Disorder). فقدرت خسارة ايطاليا وحدها بسبب هذا المرض بنحو 250 يوروا في عام 2007 جراء تراجع الكثافة النحلية إلى  النصف تقريباً .
 لذا فان أهمية إدخال طوائف نحل العسل للمزارع لغرض التأبير كأحد المدخلات الزراعية كونت تجارة نقل حبوب اللقاح pollen transporting enterprise تجارة معروفة في البلاد المتقدمة خصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية إذ تمارس علمياً وعملياً فالمزارعون يستأجرون من أصحاب المناحل خلايا نحل العسل ويضعونها في مزارعهم حتى يقوم النحل بتلقيح نباتات ومحاصيل المزارع مما يزيد من الإنتاجية فضلاً عن تربية النحل في المزارع بشكل متفرق إذ أصبح ثالث الكائنات الحية المزرعية المستأنسة أهمية في أوربا , وهذا ما لا نجده في اغلب البلدان العربية فما يزال المزارع فيها يجهل أهمية نحل العسل للمزروعات لذا لا بد من إدراك أهمية تربية النحل في النهوض بالاقتصاد الوطني وتثقيف الكوادر الزراعية لتوعية وإرشاد المزارعين بأهمية نحل العسل في عموم التطور الزراعي والاعتناء بتطوير المناحل وتوسيعها بشكل علمي مدروس وإخراجها من الفكرة العامة لمعظم البلدان العربية بأنها صنعه الرفاهية غير مدركين أو متناسين أهميتها الاقتصادية التي لا تخدم الإنسان المعاصر كمشارك أساسي في أعمال الزراعة فحسب , بل هي أيضاً كمؤشر لوضع البيئة وشاهد على الترابط السليم بين الجنس البشري والطبيعة وهي بحق جند من جنود الله في خدمة عباده .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

شجرة السنط

العكبر أو البروبوليس

التركيب الخارجي والتشريح الداخلي لجسم النحلة